في خطوة مفاجئة ومهمة، أوفت شركة OpenAI بوعدها بإطلاق نموذج ذكاء اصطناعي متطور مفتوح المصدر، حيث كشفت النقاب عن GPT-OSS، وهو نموذج لغوي يمثل نقلة نوعية في عالم الذكاء الاصطناعي المفتوح. هذا الإطلاق يأتي في وقت تتزايد فيه المطالبات بجعل تقنيات الذكاء الاصطناعي أكثر إتاحة وشفافية للمطورين والباحثين حول العالم.
مواصفات تقنية متقدمة بحجمين مختلفين
يأتي نموذج GPT-OSS في إصدارين متميزين يلبيان احتياجات مختلفة من المستخدمين. الإصدار الأول يحتوي على 120 مليار معامل، بينما يضم الثاني 20 مليار معامل. ما يميز هذين النموذجين هو استخدامهما لتقنية خبراء الخليط (Mixture of Experts)، مما يجعلهما فعالين للغاية في استهلاك الموارد الحاسوبية.
النموذج الأكبر (120 مليار معامل) يُفعِّل فقط 5 مليار معامل لكل رمز مميز، وهي نسبة فعالية استثنائية تُظهر التقدم التقني الهائل الذي حققته OpenAI. أما النموذج الأصغر (20 مليار معامل) فيُفعِّل 3.6 مليار معامل، مما يجعله مثالياً للاستخدام على الأجهزة ذات الإمكانيات المحدودة.
إمكانيات الأداء تضاهي النماذج المتقدمة
تُظهر نتائج الاختبارات أن النموذج الأصغر (12 مليار معامل) يحقق أداءً مماثلاً تقريباً لنموذج GPT-4 Mini في معايير التفكير الأساسية، وهو إنجاز مذهل بالنظر إلى حجمه المحدود. كما يمكن تشغيله على وحدة معالجة رسوميات واحدة بسعة 80 جيجابايت، مما يجعله قابلاً للتشغيل على أجهزة المستهلكين عالية الأداء.
أما النموذج الأكبر (20 مليار معامل) فيحقق نتائج مشابهة لنموذج O3 Mini في المعايير الشائعة، ويمكن تشغيله على أجهزة الحافة بذاكرة 16 جيجابايت فقط. هذا يفتح المجال أمام استخدامات محلية واسعة دون الحاجة إلى بنية تحتية مكلفة.
نتائج المعايير القياسية تُظهر تفوقاً ملحوظاً
في مسابقة Code Forces للبرمجة، حقق النموذج الأكبر نتيجة 2622 نقطة مقارنة بـ 2706 للنموذج O3 المتقدم، وهو فارق ضئيل يُظهر القدرة التنافسية العالية. حتى النموذج الأصغر حقق 2516 نقطة، وهي نتيجة تتفوق على معظم المبرمجين البشر في العالم.
في معيار GPQA Diamond للعلوم على مستوى الدكتوراه، سجل النموذج الأكبر 80.1% مقارنة بـ 83.3% للنموذج O3. وفي معيار MMLU، حقق النموذج الأكبر 90% بينما حقق الأصغر 85.3%، وهي نتائج تضعهما في مصاف النماذج المتقدمة.
تقنيات التدريب المتطورة والشفافية
استخدمت OpenAI تقنيات متقدمة في تدريب هذين النموذجين، بما في ذلك التعلم المعزز والتقنيات المستمدة من نماذجها الداخلية الأكثر تطوراً مثل O3. النماذج تدعم أطوال سياق تصل إلى 128 ألف رمز مميز، وتستخدم تقنية RoPE للترميز الموضعي.
ما يميز هذا الإطلاق هو مستوى الشفافية غير المسبوق الذي قدمته OpenAI، حيث كشفت عن تفاصيل تقنية دقيقة حول كيفية بناء هذه النماذج، بعكس نماذجها المغلقة التي تحتفظ بتفاصيلها سرية.
قدرات متنوعة للاستخدامات المختلفة
تتمتع نماذج GPT-OSS بقدرات متنوعة تشمل استخدام الأدوات، واستدعاء الوظائف، والتفكير المتسلسل، والتشخيصات الصحية. في معيار HealthBench للتطبيقات الطبية، حقق النموذج الأكبر 57.6% مقارنة بـ 59.8% للنموذج O3، مما يُظهر إمكانيات واعدة في المجال الطبي.
ميزة فريدة في هذه النماذج هي إمكانية تعديل مستوى التفكير أثناء عملية التفكير المتسلسل، مما يسمح للمستخدمين بضبط النموذج للحصول على إجابات سريعة أو تحليل عميق حسب الحاجة.
الترخيص المفتوح والإتاحة الكاملة
تم إطلاق النماذج تحت رخصة Apache 2.0، وهي رخصة متساهلة ومعيارية تسمح بالاستخدام التجاري والتعديل. الأهم من ذلك أن OpenAI لم تكتف بجعل الكود مفتوح المصدر، بل أطلقت الأوزان الكاملة للنماذج، مما يسمح للمطورين بضبطها وتخصيصها لاحتياجاتهم الخاصة.
هذا النهج يوفر فوائد متعددة: التكلفة المنخفضة مقارنة بالنماذج المغلقة، وإمكانية التخصيص والضبط الدقيق، والقدرة على إضافة معرفة إضافية من خلال التدريب المتقدم.
التأثير على المؤسسات والأمان
من المتوقع أن تغير هذه النماذج، إلى جانب النماذج الصينية مفتوحة المصدر المتطورة التي ظهرت مؤخراً، قواعد اللعبة للمؤسسات التي تحتاج إلى طبقة إضافية من الأمان والخصوصية. يمكن نشر هذه النماذج محلياً أو على البنية التحتية الخاصة بالمؤسسة.
في مجال الأمان، تشير OpenAI إلى أن مراقبة سلسلة تفكير النموذج يمكن أن تساعد في اكتشاف السلوك غير المرغوب فيه، طالما لم يتم تدريب النموذج على إخفاء تفكيره.
التوافقية والاستخدام العملي
النماذج متوافقة مع واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بـ OpenAI ومصممة للاستخدام ضمن أطر عمل الذكاء الاصطناعي المختلفة. كما أطلقت OpenAI أداة التقسيم (tokenizer) المستخدمة في GPT-4 Mini وGPT-4o كمصدر مفتوح أيضاً.
يمكن للمطورين تجربة هذه النماذج فوراً من خلال منصات مثل Together AI، التي توفر استضافة سريعة وبأسعار تنافسية للنماذج مفتوحة المصدر.
خلاصة: نقطة تحول في الذكاء الاصطناعي المفتوح
إطلاق GPT-OSS يمثل نقطة تحول مهمة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تُظهر OpenAI التزاماً جدياً بجعل التقنيات المتقدمة متاحة للجميع. هذه النماذج لا تقدم أداءً تنافسياً فحسب، بل تفتح أيضاً آفاقاً جديدة للابتكار والتطوير المحلي.
مع هذا الإطلاق، نشهد تسارعاً في سباق الذكاء الاصطناعي المفتوح، مما يعود بالنفع على المطورين والباحثين والمؤسسات التي تسعى لحلول ذكية ومرنة وآمنة. التوصية بتحميل هذه النماذج والاحتفاظ بها محلياً تعكس أهميتها كأصول معرفية قيمة يمكن الاعتماد عليها في أي وقت.
تم إنشاء هذا المحتوى من الفيديو: OpenAI Dropped a FRONTIER Open-Source Model